الأحد، مارس 18، 2012

طفلا كنت !!!




طفلا كنت !!!

“نحن لا نتعلم الحياة من الاخرين.. نتعلمها من خدوشنا.. من كل ما يبقى منا أرضاً بعد سقوطنا ووقوفنا”   احلام مستغانمي

طفلا كنت .... كأي طفل عادي خلقه الله ... لم تكن هناك امور غريبة في طفولتي .. فبحمد الله خلقني الله طبيعيا لست من ذوي الاحتياجات الخاصة ولست مولدا يتميا !!!!
علمت حتى انني استغرقت في بطن أمي اكثر من تسع اشهر وكأني كنت ارفض الدنيا حتى قبل ان اراها ولكني ايضا علمت ان وجودي في الدنيا كان مصدر بهجة لأبي .. لأنني جئت بعد ولد وثلاث بنات !!
وبطبع الرجل ... فكان ابي يود ان يري مولدا ذكرا آخر غير ذاك الذي يملك وللحق ان الله وهبه بولد ثالث لتكتمل عنده السداسية !!!
ما يميز طفولتي هو انني كنت عزوفا جدا عن البشر .. كنت أجد متعتي في الجلوس وحيدا بلا هدف اقوم به .. المهم ان افضل وحدي
كانت دائما نظرية المؤامرة تحيط بي واشعر ان البشر يكنون لي كرها شديدا ولم ادر يوما ما السبب في كرههم لي على الرغم من انني كثيرا ما كنت امتدح !
كوني ابن الاستاذ صلاح .. جعل الكثيرون ينظرون الي بحترام احترامهم لشخص أبي خاصة ان الله منحني جل صفات ابي فكنت مثله في حجم أصغر !!
ربما زاد هذا من حب أبي لي ولكن الامر لم يمكن دائما سعيدا لي !
حينما كنت اشاكس والعب واخطيء في طفولتي – كأي طفل – كان الجميع ينهرني بقسوة ذاك لان لا يجوز لابن الاستاذ صلاح ان يقع في الخطأ .. وكأنهم لم يدركوا ساعتها ان مصعب مازال طفلا !!
اذكر ايضا اني كنت بكاءً ، وقد تكون هذه صفة لا يرد ذكرا ان يتحدث عنها ولكني حقا مستمتع بكون دمعتي كانت اقرب الي من حبل الوريد ، فكان تعبيري عن الحزن والخوف واي انفعال سلبي دائما بالدموع !!
كنت دائما اسمع عبارة " ما تعيطش انت راجل " ولا ادري ما علاقة الدموع بالرجولة ، فهل يجب للرجل ان يكفكف الدمع تعبيرا عن رجولته ؟ !!
ما كان يحيرني اكثر اني كنت اسمع أبي ومن ينهروني لكوني كثير الدمع يتلون دعاء " اعوذ بك من عين لا تدمع " وساعتها كنت اندهش واتسائل : هل الدموع نقمة ام نعمة ؟!!!
ليس هذا فقط .. كوني انطوائيا انعكس بشكل سلبي على الاخرين فلم يتفهموا فكرة الانطوائية وكانوا دائما يذكرونني بالـ"المغرور"
وقد يكون السبب اني مبتعدا عنهم وحينما يتحدث احد كنت افتخر كوني ابن الاستاذ صلاح البوهي .. وما العيب في ذلك الستم دائما ما تذكرون ابي بالفخر لأنكم تعرفونه فمابالكم بمن كان ابوه صلاح البوهي ؟!!
حتى ان احد اساتذتي ذكرني بقول المصطفى "  لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " ولكني لم اكن ارى نفسي متكبرا بل كنت ارى نفسي مفتخرا بذاتي ... محترما لوحدتي !!
لا انسى ايضا .... احترام الناس لي – احيانا – لكوني انا لا بسبب ابي ... ذاك اني تعلمت القراءة والكتابة قبل ان ادخل المدرسة ، فكنت بالنسبة لجميع الطلاب اذكاهم واكفاءهم ..
السبب في هذا يرجع لابي أولا ثم الكتاب ، فكان ابي يحرص ان يصطحبني معه لصلاة الفجر في رمضان ، وعقب انتهاء الصلاة كنا نرتل جزءا من القرآن وكان أبي يسمح لي بقراءة آخر آية أو آيتين من الجزء .. وتدريجيا بدأت اقرأ ربعا كاملا .
والحق اني كنت اتدرب كثيرا وحدي على قراءة هذه الايي حتى لا اخطيء امامه ، مع انه لم يكن يبالي بخطأي فكان يسعى لتعليمي ودائما ما كرر قول النبي صلى الله عليه وسلم :" من قرأ القرآن وهو ماهرٌ فيه فهو مع السفرة الكرام البررة، ومن قرأه وهو عليه شاق ويتتعتع فيه فله أجران " ولكني دائما كنت افكر في السفرة الكرام البررة اكثر من تفكيري في الاجران .
والسبب ان ابي علمني منذ نعومة اظفاري ان اكون مميزا مختلفا عن الاخرين ، فلو كنت مثل الجميع لما كان لي قيمة !!
لذلك اردت ان اكون طفلا جيد القراءة في حين ان من يكبرني سنا كان يخطيء وهو يتلوا على أبي !!
ايضا ... استفدت من هذه الجلسة القراءنية اول اصدقاء لي في حياتي ، وبالطبع كانوا جميعا أكبر مني ومن هنا بدأت مرحلة الطفل الناضج التي كنت اعيشها !!
لا انسى ايضا ، انني كنت افكر كثيرا – ومازلت – ولم اكن اسعى لسؤال الاخرين بل كنت ابحث عن الاجابة بنفسي .
لا انسى يوم ان فكرت في الموت وكيف ان لديها قدرة عجيبة على نقلك من دنيا الي لا شيء .. وبدلا من ان اسأل عن ما هو الموت هذا ؟ وكيف يحدث ؟ وجدت ىنفسي متخوفا منه واشعر انه يطاردني ، واني سأموت اذا نمت ... واستمر الامر معي اسابيع طويلة حتى انني لم انم مطلقا في هذه الفترة الا دقائق معدودة كان جسدي يجبرني فيها على النوم !!
هذه هي طفولتي ، لا اعلن انها كانت مختلفة ولكن اعلن انها كانت مؤثرة جدا في شخصيتي ولهذا طرحتها ، ولكن الحقيقة هناك جوانب كثيرة تستدعي ان اتحدث عنها ولكن اظن هذا اكثر من المطلوب ..
اراكم قريبا ...

ليست هناك تعليقات: