الاثنين، مايو 04، 2015

وأعدت حقائب السفر ..


يحزم حقائبه، يراجع كل شيء مرة وأخرى، نعم كل شيء على ما يرام لم يترك أيًا من حاجياته 
يجمع حقائبه ويستقل أقرب وأسهل وسيلة مواصلة تعينه مع تلك الحقائب لينتقل لعنوان جديد وروتين جديد
لسنوات تجاوزت الأربعة لم أعد امتلك عنوانًا أعيش فيه، كل عدة أشهر انتقل من مكان لمكان منذ أن قدمت من قريتي الصغيرة إلى أضواء القاهرة !!
حقيبة السفر أصبحت أهم من أي شيء، مكانها معروف في خزانة الملابس، لا أهتم بنقل كل شيء لأني على علم بأني سأرحل من هذا المكان قريبًا ولا يجب التعامل معه على أنه مكاني الدائم!!
 يُذكرني بالجسر !!
هل تعلم الجسر؟ هل فكرت يومًا وانت تعبر الجسر في التأمل قليلًا فيه؟ هل الجسر فقط معبر بين أرضين يفصل بينهما غالبًا مسطح مائي؟ أم أنه شيء آخر؟
الجسر يعبر بك من مكان لمكان، ربما يتغير احساسك قبل وبعد العبور، ربما تقابل أشخاص مختلفين، ربما تعيش حياة أخرى، وربما يكون الجسر فاصلًا بين حياة وحياة ومجتمع وآخر.
البيت ذاته، فهل البيت هو غرف مختلفة كل منها وظيفة محددة، فهذه للنوم وأخرى لطبخ الطعام وثالثة للجلوس ولقاء الأصدقاء؟
البيت يختلف كثيرًا عن المأوى، البيت ليس ملجًأ تنام فيه ليحميك من برد الشتاء وقسوة الصيف، البيت وطن، البيت حياة!!
حينما تبتعد عن بيتك، حينما تتوه وسط الزحام، تصبح جزءًا من أي مكان، لبرهة تعيش فيه، ومهما طال الوقت قلبك وروحك وعقلك على علم أنك لست باق فيه وتعيش دائمًا بفكرة الزبون المؤقت في البيت المؤقت مع أشخاص ربما يكونوا مؤقتين في حياتك!
تختلف الحياة في عينيك، يختلف طعم الأكل في فمك، فأصبح الطعام ضرورة يومية لاستمرار الحياة وتنظر بفارغ الصبر يوم عودتك لبيتك الحقيقي وتذوق الطعام من أمك، فمهما كان حلوًا أو مرًا يبقى دائمًا الأطعم والأجود.
تختلف نظرتك للأشياء، فكل شيء مادي باهت، هل أخرج اليوم أم ان النقود لن تكفيني لآخر الشهر؟ هل اتناول عشاءي في مطعم فخم أم الميزانية لن تكفي؟
في بيتك لست كذلك، في البيت تغمض عينيك دون ان تفكر في شيء، ربما تسمع "خناقة" أمك مع أخيك و"زعيق" الأخ الأكبر للأخ الأصغر ولكنك تشعر بالراحة.
مهما ابتعدت عن البيت، تعود إليه ولا تفكر سوى في الراحة، تنام وكأنك لم تنم من قبل، وتتناول الطعام وكأنك جائع منذ أعوام!
يصبح كل شيء في غرفتك له معنى، ألوان الجدران، ملاءة السرير، والمشهد الذي تراه من النافذة، كل شيء يصبح لونه مختلف واحساسه مختلف!
مهما انتقلت من مأوى لآخر، ومهما تركت فندقًا عاديًا لتعيش في آخر خمس نجوم، ستنتظر الأيام تمر لتعود بعدها لتتنفس روح البيت!!
فأخيرًا انت في بيتك ولست في المأوى

 أخيرًا لست في حاجة لتجهيز حقيبة السفر