الاثنين، سبتمبر 02، 2013

نداء الى الوطن المنسي !!






كنت سابقا أظن انه لا يوجد ما يعرف باسم الاختلاف الكامل بين البشر فحتما يوجد ما يمكن ان يتفق عليه الجميع، كنت اظن ان الإنسانية هي المبدأ الأساسي الذي يتوافر في كل بني انسان والجامع لنا.
اشتعلت الحرب في غزة عام 2008، كنت ابكي وانا انام وأصحو على قتلى ماتوا حتى لا تنفجر كروش قيادات الجيوش العربية وهم يتجاهلون اتفاقية الدفاع المشترك، كنت أظن اننا جميعا نبكي ولكن لم نكن، وجدت اعلامنا الذليل يتحدث عن دور مصر التاريخي وتوجه اللوم على حركة حماس المجاهدة المناضلة وكأنها كانت مذنبة حينما دافعت عن آخر ما تملك الكرامة والأرض !!
تصورت ان هذا موقف الاعلام ولكن الشعب ليس كذلك، حتى وجدت بعض من المصريين يفعلون الشيء نفسه، يلومون المجني عليه ويتركون القاتل يبرح في قتله !!
قلت ربما يكون البعد الزمني وعدم الإحساس المباشر بالقضية، وربما تكون الأزمة المصرية مسيطرة !!
حتى قامت الثورة المصرية وما حدث بعدها، والآن وبعد ما يسمونه كذبا ثورة يونية او الموجة الثورية الثالثة لثورة يناير وما حدث بعدها من أزمة تفشل كل من علوم الاجتماع والنفس أو حتى العلوم الطبيعية ان تفسرها !! نتحدث عن كارثة تدمر المجتمع والإنسان والسياسة والجيش والدين وكل شيء !! ما حدث ان القاهرة تشبعت بالدماء؛ لا يوجد مكان نمر به الآن الا وقد اريق فيه دم مواطن حر بريء كل ذنبه أنه آمن بالحرية في دنيا العبيد آمن بالحق في دنيا الكذب آمن بالنور في دنيا حظر التجوال، مقتول كل يوم نحسبه شهيدا فمنذ 25 يناير 2011 حتى الآن وميادين القاهرة غطاها اللون الاحمر من ميدان التحرير لرابعة لمحمد محمود، مجلس الوزراء، ماسبيرو، ميدان لبنان، ميدان مصطفى محمود، لاظوغلي، النهضة وغيرهم الكثير !!! انتقل الدم الى محافظات أخرى فخضب الاسكندرية، الدقهلية، بورسعيد، الغربية، الاسماعيلية وغيرها !! ما أتعس ان ترى في لحظات موتك القاتل مبتسما فرحا بنصره وحوله أهلك يصفقون بإنجازاته !! ما أصعب ان ترى الجموع الأخرى تصافح سافك الدم وتدين له، ما أقسى ان ترى صورته معلقة في كل منزل وحارة !!
ما حدث في مصر تجاوز كل الحدود، كل القيم، كل المثل ... حريتنا أصبحت حرية داعرة تقضي على من يختلف مع القطيع، فلا يجب ان ترفض رأي الأغلبية والا غلبك طغيانهم، لا يجب ان تعترض، ان ترفض، ان تصرخ .. ممنوع عنك حتى البكاء
"الظلم الذي استشرى وتوحش لم يدمر مجتمعاتنا فحسب، ولكنه شوه ضمائرنا أيضا حين سحق إنسانيتنا وداس على كبريائنا حتى صرنا نلتمس الخلاص على أيدي من يوالون أعداءنا ولا يتمنون الخير لنا، فاستبدلنا ذلا بذل"[1]
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل نحن من أمة الله المنصورة الموعودة بالإستخلاف في الأرض والتمكين في الدنيا والشعور بالحرية والأمان؟ ام اننا من الذين يجب استبدالهم ومحوهم وانتظر الجيل القادم المؤهل للنصر !!


[1] فهمي هويدي في مقاله (في مقام الرثاء والاعتذار) في الشروق بتاريخ 29 اغسطس 2013