الخميس، نوفمبر 20، 2008

معاتبة قلم



جلست في غرفتي وحيدا ، أتطلع مجموعة من الأوراق أمامي وفي يدي قلمي عاجزا عن الكتابة ، انتظرته يخط حرفا تتحول لكلمات لها معان ، لكنه لم يفعل !
نظرت إليه وشعرت انه لا يود الكتابة ، أمسكت به مرة ثانية لأعاود الكتابة ، لكنه لا يستجيب وكأنه فارق الحياة !!
ألقيت بالأوراق بعيدا ونظرت إليه وعاتبته في قسوة وقلت له في غلظة
:- ماذا بك ؟ لم لا تكتب ؟
ألقيت به بعيدا وأسرعت لأغادر الغرفة ، وعندما دنوت نحو الباب سمعت صوتا يأتي من بعيد ، صوتا اشعر باني اعرف صاحبه !
سمعت صوته نعم انه هو ذلك القلم انه يناديني !
اقتربت منه لأجده يصرخ في وجهي قائلا
:-
أنت لست أهلا للكتابة !
نظرت إليه متعجبا :- ما بك ؟ أنا من اكتب لا أنت ، وليس من حقك الاعتراض ! .
قال لي متابعا :-
بل لي كل الحق فان ما تقوله غير مهم البتة !
قلت له في دهشة :-
غير مهم !!
تابع وكأنه لم يسمع حديثي :-
أنت لا تنفذ حرفا مما تقول ، هل خلقك الله لتكتب فقط ؟ إن أمر الكتابة ليس مستحيل المهم أن تجعل كلماتك موضع التنفيذ .
هل تري أن الكتابة هي خطوط ترسمها علي أوراقك ومن ثَم تنشرها في مدونتك ، ألا تحترم ما تكتب ؟!
قلت له في ضجر :-
ماذا تقصد ؟ هل تعني إنني لا امتلك فن الكتابة ؟
قال لي :-
أجل لقد صدقت .
وقعت عليّ كلاماته وقع الصدمة فقد كانت صدمة كبيرة أن اسمع هذا الكلام من رفيق دربي ومن يؤنس وحدتي .
وسألته في تهالك واضح
:-
هل تراني كاتبا فاشلا ؟
رد عليّ مسرعا - وكأنه كان يتوقع السؤال - :-
·
وما فائدة الكتابة إذا لم يقرا لك احد ؟!
· وما فائدة الكتابة إذا لم تخرج من حيز الكتابة ؟ !
· وما فائدة الكتابة إذا كانت مجرد كلمات تود أن تنشرها في مدونتك ؟ !
أخي أنت تستطيع أن تكون كاتبا لا يشق له غبار ، ولكن هل نيل المطالب بالتمني ؟!
إني أشفق عليك من نفسك ، فانا أود أن تكون أفضل كاتب في الدنيا .
قلت له في خفوت :-
انصحني .
قال في سعادة واضحة :-
إذا كنت تحلم بالتغيير فعليك أن تتغير أولا ، عليك أن تصلح من نفسك في البداية ؛ فالله سبحانه وتعالي لن يحاسب يوم القيامة إلا عن نفسك ، أنا لا أعارضك في حلمك بالتغيير ولكن اسعي لتحقيق هذا الحلم .
صديقي إني احبك كما تحبني لأنك جعلت مني قيمة في هذا المجتمع ولكن لا تنسي انك لست الوحيد صاحب الفضل عليّ في هذا الأمر ، فهناك المئات بل الألوف من استفادوا من وجودي في الحياة .
نظرت إليه والحزن يعتصر قلبي وقلت في حزن عميق :-
إذن هل تراني فاشلا ؟ هل لا يجب أن اكتب ؟ أن اسكت عن الكلام المدفون في أعماقي ؟ أن انسي حلمي بان أصبح صحفيا ؟
رد قائلا :-
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا .
أخي لا تتعجل النجاح ولا تظن أن طريقك سيكون ملئ بالورود بل هو محفوف بالمخاطر – إذا كنت علي صواب – فلابد أن تبتلى في حياتك .
يا صاح انظر أمامك وحدد خطواتك التي تؤهلك لان تكون عضوا عاملا في هذا المجتمع .
اعرف طريقك جيدا وحدد هدفك و خطط لمستقبلك وسر علي تلك الخطى .
ولا تنسي إرضاء الله عز وجل فمن كان الله معه فمن عليه ، وطاعة الوالدين من أسباب النجاح .
نظرت إليه والسعادة تغمر وجهي وقلت :-
نعم الأخ أنت ؛ فأنت خير صديق أشكرك علي تلك الكلمات التي كانت في وقتها تماما .
أيها القلم ما بك ؟ لم لا ترد ؟
لم يرد ، كررت كلامي وما من مجيب .
أمسكت به وأحضرت الأوراق ووجدته يخط حروفا تتحول إلي كلمات ومن ثم إلي مقال .
كنت اكتب وأنا اشعر بالسعادة ، وتذكرت كلاماته التي جعلتني اشعر بالخوف يملأ صدري ، وتذكرت ما قاله فاستوقفتني كلمته التي أدخلت شيئا من اليأس إلي قلبي .

فحقا كما قال :- وما فائدة الكتابة إذا لم يقرا لك احد ؟!

هناك 5 تعليقات:

fashkool يقول...

آدى اول تعليق يا عم مصعب .. والله القلم بتاعك ده قلم جميل يسديك النصح .. ما عندكش قلم زيه .. تحياتى
عمو احمد أو عمو صلاح الاثنين اسمى .. تحياتى

fashkool يقول...

شوف نصيحة احمد فى استعمال المفضلين رحت عملت زى ما هو قال وبعدين ما لقيتش حد خالص عندى يعنى مسحت الكل .. احسن

aaahhmd يقول...

اخى العزيز موضوع يستحق التامل لما فيه من عبارات جزله ونظرة ادبية شاعرية متدفقة
زادكم الله



aaahhmd

احمد بدر الدين يقول...

حبيبى الغالى
موضوع متميز
قلم رشيق يعاتب قلم رشيق
كذا عودتنا
...
مبروك التصميم
رائع هو

محمد حمدى يقول...

اخى مصعب هذا المقال جميل جدا وكبير فى معناة وتستحق كل التقدير والاشادة احوك محمد حمدى