وأخيرا سقط مبارك .. واستطاعت مصر تنفس عبير الحرية .وأثبت الشعب أنه وإن أراد الحياة فحتما سيستجيب القدر ..
وعندما عمت الفرحة أجواء مصر .. وشعر الجميع أن مصر عادت للمصريين وأنها حقا بلدنا وليست بلاد آل مبارك ومن عاونوه ..
فوجت بأن هناك من لم يزل يقف في صف الرئيس السابق .. ويحزن لخروجه بهذا الشكل أو يحزن لتركه لسلطة أصلا ..
وله في ذلك أسباب عديدة .. وقررت هنا أن أرد على بعض هذه الأمور ومنها :-
1. " ليس منا من لم يحترم كبيرنا .. ويرحم صغيرنا "
وأقول .. نعم نحن نحترم مبارك الرجل فقد كان إنسانا عسكريا فذا .. صارم لم نره يوما يدخن أو يشرب الخمر ، كما أنه رجل وقور ..
ولكن ما علاقة هذا بكونه رئيسا لمصر .. هل لابد للإمام في الصلاة أن يكون أكبرنا سنة .. مطلقا ولكن أن يكون الأحفظ لكتاب الله والأدرى بسنة مصطفاه والأعلم بشئون الفقه ..
إذا الأمر لا يتعلق بالسن ..
ونحن لم نسئ لمبارك بل هو من فعل .. فلو كان استمع لفلول الجماهير ولبى نداءهم منذ اليوم الأول لما كان حدث ما حدث .
هو من أهان نفسه بأن تقبل كل ما يحدث مع تشبث تام بالسلطة دون اعتبار للمعايير التي أرادها الشعب .
كما أنه لم يرحم الصغير .. ولم يأوي الشريد .. لم يعطف على أبناء مصر .. فكيف تطلبون له الرحمة .
2. كفاية إن مصر عاشت في أمان منذ ثلاثين عاما
وهذا كلام له الكثير من الردود ..
أين هذا الأمان المزعوم ؟؟! .. هل الأمان ألا تدخل مصر حروبا طيلة تلك الفترة ؟؟
أم أنه نوع من افتقار للعزة والكرامة .. واتباع تام وذليل لأفكار إسرائيل وأمريكا ..
لقد صنع مبارك لإسرائيل ما فشل شارون في صنعه لهم .. أمدهم بالغاز الطبيعي والحديد لبناء الجدار العازل .. والأدهى بناء ذلك الجدار الفولاذي الذي يمنع أهل غزة من الالتجاء إلى مصر التي كانت حصن الإسلام فحولها مبارك إلى حصن صهيون .
كما أنه لا يوجد أمان حقيقي بالمعنى الدقيق للكلمة .
· فمن منا يشعر بالأمان وهو يتناول وجبة ما .. فقد تكون مسرطنة .
· من منا يجد الأمان وهو يشرب .. أليست الماء ملوثة .
· من منا شعر بالأمان لمستقبله وأهله وعياله من بعده .
· من منا يشعر بالأمان من ألا يحترق القطار الذي يركبه أو ينحرف عن القضبان
· أين الأمان للفتيات اللاتي يشعرن بالقلق من كارثة التحرشات ؟
· أين الأمان للأخوة الأقباط من تفجير لكنائسهم ؟
إن مبارك نجح في سحق معاني الأمان تماما .. فبعد أن كانت الحرب تقضي على فئة من المصريين .. نجح مبارك في القضاء على معنى الأمان في الأكل والشرب والمسكن .
3. رمز من رموز مصر .. أليس خروجه هكذا هدرا لكرامته .
أيضا هو من هدر كرامته لأن رفض الانتباه لصحوة الشعب وثورته ..
ولكن قبل الحديث عن كرامة الرئيس .. أين هي كرامة المصري ؟؟!
المصريون في عهده كانوا يشعرون بالألم لمجرد كونهم مصريون .. كان الحلم الأغلى لكل شاب ترك أرض الوطن والرحيل إلى أي دولة حتى وإن كانت إسرائيل أكثر الدول كرها عند المصريين ، لقد سقطت الكرامة المصرية بالداخل والخارج ..
فما حدث لخالد سعيد أليس هدرا للكرامة ؟؟!
ما حدث لمروة الشربيني أليس هدرا للكرامة ؟؟!
في الداخل والخارج لا يوجد لمصري كرامة .. يرسف في قيود الاستعباد ويود لو هاجم أباه لأنه تسبب في وجوده على أرض مصر ..
تتحدثون عن كرامة الرئيس ونسيتم كرامة المصريين ..
4. كفاية إنه حارب في أكتوبر 1973
حقا ما تقولون فهذه حسنة لابد من ذكرها .. ولكن هل أي إنسان شارك في صنع نصر لمصر يستحق أن يحكمها .
هل من الممكن أن اتشبث بالسلطة لمجرد أنني حاربت مع من حارب .. لو الأمر هكذا لتولى سلطة مصر من هم قادة من قواد الحرب أمثال الفريق سعد الشاذلي عليه رحمة الله ..
فهو محارب مقدام وعسكري متميز .. ولكن ليس رئيسا لمصر .
5. ليس ذنب الرئيس إنما حاشيته السبب
إن كان هذا صدقا .. فهذا يعني أن مصر أكبر من أن يحكمها .. فلقد قال الفاروق عمر :- لو تعثرت بغله في العراق لسألني الله عنها يوم القيامة لما لم تمهد لها الطريق يا عمر "
في هذا العمق من الزمن ويقول هكذا ابن الخطاب رضي الله عنه .. فما بالكم ونحن في عصر السماوات المفتوحة .. ومن أراد أن يعرف فسيعرف .
وإن كان لا يعرف فليجلس كمواطن مصري يتابع الأخبار..
وقد كتبت مقالا سابقا عن هذا الأمر .
وأخيرا ..
فهذه بعض من آراء بعض المصريين وخاصة هؤلاء المنظمون لوقفة رد الجميل يوم الجمعة القادم من صفحة أنا آسف ياريس ..
أرد لهم فقط أن أوضح وجهة نظري في أني " مش آسف ياريس " وسعيد ومبسوط من رحيلك ولو قدر لي أن أجعلك ترحل ثانية لفعلت .
كما اختم كلاميس بحديث رسول الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ( ثلاثة لايكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم: شيخ زانٍ ، وملك كذّاب ، وعائل مستكبر ) أخرجه مسلم