كان أمرا عجيبا لم أتصور حدوثه مطلقا ، ليس هذا هو الشاب الذي أعرفه ، لقد تغير كثيرا ، كنت أراه دائما وهو يستمع للأغاني وكان دائما عازفا عن القرآن ..
أخيرا شاهدته يصلي في المسجد ، بعد أن كان أول من يتجنب المرور أمامه ..
لقد تغيرت حتى ملابسه أيضا .. لقد ارتدى الجلباب القصير بعد أن كان يسخر من الذين يرتدون مثيله ... أحمد الله على هذا التحول .. وما يسعدنا أكثر أنه مازال على عهده من الالتزام لم يبدل ولم يحول ...
******
وفي يوم وجدته يناقش أحد المقربين إلىّ في حرمانية الرسم وأن من يرسم رسمه فسوف يطلب منه الله أن ينفخ فيها الروح فيعجز ثم يدخل النار..
وبعدها ناقشه في حرمانية عيد الأم وأمثاله حيث أنه لا يُحتفل في الإسلام إلا بعيدي الفطر والأضحى ...
ثم دخل معه في مجادلة عن فرضية النقاب وتقصير الثياب وأن من لم يقصر ثوبه فهو في النار !!!!!!
وفي يده يمسك كتابا عن فرضية اللحية وأن من يحلقها آثم ..وطلب مني أو ولنقل أمرني بأن أترك لحيتي وأن لا أحلقها مطلقا ..
*******
سألت نفسي عن هذا التحول من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين ...فإما في ظلام المعصية أو في تطرف ديني .!!
نعم ، أسميه تطرف فمن كان يمتلك مثل هذه النظرة الضيقة والأفق المحدود ويختزل الدين في نقاب مفروض وتقصير ثياب ورسم محرم ولحية طويلة إنسان جاهل ، فرّغ الدين من جوهره وجعله دين مظهر ومنظر ..
لقد وجدت أن استفحال هذه الكارثة ( في رأيي أنها كارثة ) بتضييع وقت الأمة في الحديث عن فرعيات الدين وترك أصوله هو أمر خطير جدا ، فهل ترى أن تأخير النصر بسبب مثل هذه الأمور الفرعية ( لست هنا بصدد الرد على هذه المشتبهات ولكني اعرض حالة أخرى ).
وجدت أنه حديث بفضل بعض شيوخ ودعاة اختزلوا الدين اختزالا وتسببوا في إحداث ظاهرتين ترسخا في الشعب المصري بقوة وهما :-
1. ظاهرة التدين القشري أو التدين الظاهري :- وهي عبارة عن التدين في المنظر بتقصير الثوب وترك اللحية وارتداء النقاب – للسيدات – ونسيان الأمور التي لا يختلف عليها اثنان من أصول الدين ..
2. ظاهرة الجدال الهدّام :- وهو تضييع وقت الأمة بنقاش طويل حاد عن فرضية كل تلك الأمور بالرغم من أن لو استغل نفس هذا الوقت في التوعية بقضية فلسطين – على سبيل المثال – لكان أكثر فائدة للأمة ..
وقبل أن اختم ..
لا أنكر دور هؤلاء الشيوخ البارز في تغيير معتقدات وأفكار في أذهان الكثيرين ، فلا يوجد أحد يستطيع القول بأنه لا يعلم الحرام من الحلال ..
على هامش الحديث :-
لا أعلم هل يحب الله الأولين أكثر منّا حيث جعلهم يعصونه عن جهل أما نحن فنعصيه عن علم !!!