منذ أيام ليست ببعيدة أقامت المدرسة ندوة بعنوان " الإعلام ودوره في غياب الهوية المصرية " وتحدث فيها موجه من الإدارة التعليمية عن دور الإعلام العربي في تشويه وضياع الهوية المصرية ؛ فكلما ازداد انتشار للفضائيات ازداد معه ضياع الهوية المصرية واسترسل في حديثه في هذه النقطة ، وفي ختام الكلمة أعطى دفعة أمل قوية بقوله أن الأمام محمد عبده لم يولد إمام ، والزعيم جمال عبد الناصر لم يولد زعيما ، والقائد محمد أنور السادات لم يولد قائدا ، وأن البطل أحمد عبد العزيز – أقصد – البطل محمد حسني مبارك لم يولد بطلا !، وبالطبع لم ينس الدفاع بشدة عن الإعلام المصري الذي يحاول جاهدا أن يصل بالعقول المصرية إلى بر الأمان حتى يعيد للهوية المصرية مكانتها في نفوس أهلها .
وأثناء ذلك الحديث منعت نفسي من ضحكة كادت تنفلت مني ، فلقد كنت وكأني أشاهد فيلما هزليا ، حتى أنني كنت أود أن أقاطعه أكثر من مرة ، ولكني احترمته وجلست أصفق له كما يفعل نواب الحكومة في مجلس الشعب ! .
ثم جاء دور الأسئلة ، ومعظمها كانت أسئلة لا تسمن ولا تغني من جوع إلا من بعض الأسئلة القليلة التي كانت تعتبر حقا أسئلة في غاية الأهمية ، وشعرت من طريقة إجابته أنه لا يفقه ما يقول وكل هذا الحديث كان مجرد عدة جمل يحفظها عن ظهر قلب ويكررها في كل الندوات المختلفة ، ولم أستطع فهم منهجيته ولا مرجعيته فهو يقول كلاما متناقض تماما .
وهنا قررت خلع حجاب الصمت وإلقاء السلبية جانبا وأساله عدة أسئلة ولكن أستاذي - الذي يعرف خلفيتي الثقافية - رفض إعطائي الفرصة للحديث ولم استطع أن اسأله السؤال الذي حيرني تماما .
ولا أزعم أن سؤالي يعتبر عبقريا أو ينبع من عقلية مبدع ولكنه سؤال تقليدي جدا .
أردت أن أسال : - لماذا ضاعت الهوية المصرية بهذه الطريقة ؟ هل الإعلام العربي هو السبب في هذا الضياع حقا ؟ أنا لا اعتقد ذلك فالمصري دائما يدفع عن قوميته إذا هوجمت من قبل الغرب أو العرب وما حدث أيام الحرب علي غزة أكبر مثل حي ، فلقد دافع الجميع عن دور مصر ، وهاجم المغرضين الذين يهمشون دور مصر الرائد في المنطقة .
وأنا أرى أن السبب الحقيقي وراء ضياع الهوية المصرية هو إحساس المواطن المصري بالظلم ؛ فالمدرس – وهو موظف حكومي – لا يحصل على نفس الراتب الذي يحصل عليه من هو مثله ولكن في قطاع آخر كالبترول مثلا .
كثير من الناس شعر بأن الحياة في مصر أصبحت غير ممكنة ، فقرروا الانسلاخ من هويتهم المصرية من أجل الحصول على الحياة الكريمة ، فمواطن الشارع يرى أن مصر انتهكت آدميتهم وأضاعت حقوقهم .
أما بالنسبة للإعلام ، فالإعلام المصري هو الذي ضيع الهوية المصرية لأنه لا يتحدث عن الواقع بل يزيفه ويشوه ، حتى بات المصري كارها لهذا الإعلام المزيف المغير للحقائق مما أدى إلى الإحساس بفقد الأمل في الإصلاح .
وأخيرا فالحكومة المصرية تعيش في واد والشعب في واد آخر ، تتحدث بلغة لا نفهمها ، تقف على قمة جبل عالي يضاهي قمة ( إفرست ) والشعب يحيا بالأسفل في واد سحيق يتطلع إلى الحكومة عساه يحظى بنظرة رأفة من الحكومة .
أننا لا نريد من الحكومة إلا أن تهبط من فوق الجبل وتقترب أكثر من الشارع ، تعرف مشكلاته وآلامه ، وتصعد بهم إلى قمة الجبل .
وفي النهاية أوجه رسالة للحكومة وأقول لها :- والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون وإنها لجنة أبدا أو نار أبدا
فاتقوا الله في شعوبكم
هناك تعليقان (2):
طبعا واضح من الأسلوب مدى ألمامك بما تتحدث عنه
ومدى حزنك لضعف أو ضياع هويتنا فى بعض الاوقات
لكن متنساش انه مينفعش نفضل نقول أحنا نقدر نقدم أيه لبلدنا
من غير ما نلاقى ولو مرة واحدة أهتمام من بلدنا بينا فى المقابل
موضوعك جميل
تحياتى
العزيز مصعب صلاح
فعلا يا مصعب .. الهويه المصريه الآن فى مفترق طرق .. لكن ليست من الفضائيات .. وقولك حق فى السبب ولكن هناك اسباب اخرى اقوى واعم
هناك مثلا ضعف الدوله وتدنى وصولها الى المواطنين
هناك العولمه التى سمحت بها الدوله لتغزوا كل شيئ
قديما كان كل من يأتى الى مصر يذوب فيها
اما الان فاننا نذوب فى الهويه العالميه
جاءت العولمه لتأخذ منا ولا تعطينا
ومع انى مع العولمه ولكن ليس بهذه الطريقه
المفروض ان نكون ندا لها ولكن لا نديه ولا يحزنون
تحياتى
إرسال تعليق